سماحة الشيخ اسحاق الفياض
نبذة مختصرة
تتضمن جانباً من الحياة العلمية المزدهرة لسماحة سيدنا وأستاذنا
آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى
السيد أبو القاسم الخوئي
(قدس سره الشريف)
بقلم تلميذه:
الشيخ محمد إسحاق الفياض
دراسته العلمية المزدهرة بالبيان
والابتكار والدقة والسعة والشمول
في علمي الفقه والأصول
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
فيها أمران :
الأول :
إن الدين الإسلامي القويم قد سمح بعملية الاجتهاد في كل عصر ولكل فرد شريطة توفر مؤهلاته فيه، بل إن هذه العملية ضرورية في الإسلام وهذه الضرورة تنجم من أبدية الشريعة الإسلامية التي هي النظام الوحيد لحل مشاكل الإنسان الكبرى في مختلف مجالات الحياة على أساس أنها تزود الإنسان بطاقات وملكات فاضلة وأخلاق سامية لمعالجة تلك المشاكل المعقدة وهو يربط بين الدوافع الذاتية والميول الطبيعية والاتجاهات الشخصية للإنسان وبين مصالح الإنسان الكبرى وهي الدين والعدالة الاجتماعية التي قد أهتم الإسلام بها وهو الوسيلة الوحيدة لحل التناقضات بين الدوافع الذاتية لمصالح شخصية وبين الدوافع النوعية لمصالح عامة وهو يجهز الإنسان بطاقات غريزة الدين ودوافعه وبذلك تصبح المصالح العامة للمجتمع الإنساني على وفق الميول الطبيعية والدوافع الذاتية وهذا هو معنى حل الدين الإسلامي لمشكلة الإنسان الكبرى على وجه الأرض وهذه الأبدية للشريعة الإسلامية وانسجامها مع الحياة العامة في كل عصر تستدعي ضرورة حركة فكرية اجتهادية ذات طابع إسلامي على طول الخط لكي تفتح الآفاق الذهنية وتحمل مشعل الكتاب والسنة في كل دور وعصر ولولا هذه الحركة الفكرية الاجتهادية في الإسلام في غياب دور المعصومين (ع) وتطورها وتعمقها عصراً بعد عصر بتطور الحياة وأتساعها وتعمقها بمختلف جوانبها الاجتماعية والفردية والمادية والمعنوية لم تتبلور أصالة المسلمين في التفكير والتشريع المتميز الملائم مع الحياة في كل عصر المستمد من الكتاب والسنة على طول التاريخ في عصر الغيبة فلو لم تكن هذه الحركة الفكرية الاجتهادية مستمرة في طول التاريخ وفي كل عصر لانطفأ مشعل الكتاب والسنة في نهاية المطاف وظلت المشاكل الحياتية في المجتمع الإسلامي من الجانب الاجتماعي والفردي في كل عصر بدون حل صارم ولهذا يتطور علم الفقه ويتسع ويتعمق تدريجياً تبعاً لتطور الحياة العامة، وأتساعه دقة وعمقاً في جميع المجالات الحياتية على طول الخط يؤكد في المسلمين اصالتهم الفكرية المتميزة في تمام جوانب الحياة وشخصيتهم التشريعية المستقلة وعلى هذا الأساس فلا بد في كل عصر من قيام جماعة لبذل أقصى الجهد للوصول إلى مرتبة الاجتهاد الكاملة وتحمل مصاعبها ومشاقها فإنها مرتبة عظيمة في الإسلام وامتداد للزعامة الدينية إلى زمان الغيبة وفي كل عصر إلى يوم القيامة و إلا ظلت المشاكل المتجددة في كل يوم من المشاكل الاجتماعية والفردية بلا حلول ملائمة لها في أطار الشرع.
الثاني :
إن المحور الأساسي لعملية الاجتهاد والاستنباط وموضوعها في الدين الإسلامي هو علم الأصول والفقه وهما علمان مستمدان من الكتاب والسنة ومترابطان بترابط متبادل في طول التاريخ. حيث أن علم الأصول قد وضع لممارسة تكوين النظريات العامة وتحديد القواعد المشتركة في الحدود المسموح بها شرعاً وفقا لشروطها العامة للتفكير الفقهي التطبيقي وعلم الفقه قد وضع لممارسة طريقة تطبيق تلك النظريات العامة والقواعد المشتركة على عناصرها الخاصة التي تختلف من مسالة إلى أخرى ومن هنا يرتبط علم الفقه بعلم الأصول أرتباطاً وثيقاً منذ ولادته إلى أن ينمو ويتطور ويتسع تبعاً لتطور البحث وأتساعه بظهور مشاكل جديدة في الحياة اليومية.
وتوضيح ذلك إن فهم الحكم الشرعي من نصوص الكتاب والسنة التشريعية في كل مسألة ومورد بحاجة إلى عناية زائدة ودقة كبيرة ومن الطبيعي إن هذا الفهم المسمى بالتفكير الفقهي لا يمكن بدون التفكير الأصولي يعني بدون استخدام القواعد العامة الأصولية وإن كان الممارس غير ملتفت إلى طبيعة تلك القواعد وحدودها وأهمية دورها في الاستنباط الفقهي.
ومن أجل هذا الترابط الوثيق بين الفقه والأصول فكلما اتسعت البحوث الفقهية وتعمقت بأتساع مشاكل صنوف الحياة بمختلف جوانبها الفردية والاجتماعية والمعنوية والمادية ووجود عناصر جديدة فيها اتسعت البحوث الأصولية والنظريات العامة وتعمقت وتطورت حيث ان اتساع الفقه دقة وعمقا يدفع البحوث الأصولية والقواعد المشتركة خطوة إلى الأمام فالنتيجة إن توسع البحوث الفقهية التطبيقية وتطورها عصراً بعد عصر تبعاً لتطور الحياة وتوسع مشاكلها في مختلف مجالاتها يتطلب توسع البحوث الأصولية وتطورها كذلك بنسبة واحدة.
ومن هنا كلما كان الباحث الأصولي أدق وأعمق في التفكير الأصولي وتكوين النظريات العامة والقواعد المشتركة المحددة كان أدق وأعمق في طريقة عملية تطبيقاتها على مسائلها وعناصرها الخاصة وفقاً لشروطها المحددة فإن الترابط بين العلمين ذاتا والتفاعل بينهما كذلك في تمام الأدوار والمراحل يستدعي وجدانا أنه إذا بلغ مستوى التفكير الأصولي درجة بالغة من الدقة والعمق بلغ مستوى التفكير الفقهي التطبيقي نفس الدرجة ولا يعقل أن يكون مستوى التفكير الأصولي بالغاً درجة كبيرة من الدقة والعمق والسعة ويبقى مستوى التفكير الفقهي التطبيقي دون ذلك المستوى والدرجة وهذا خلاف فرض ارتباط الفقه بالأصول وتولده منه.
وبكلمة إن النظريات العامة الأصولية كلما كانت موضوعة في صيغ أكثر عمقاً وصرامة وأكبر دقة وأوسع مجالاً تطلبت في مجال التطبيق دقة وعمقاً أكبر والتفاتاً أكثر وأوسع وهذا معنى الترابط والتفاعل بين الذهنية الأصولية والذهنية الفقهية وهاتان الذهنيتان متبادلتان على مستوى واحد في تمام أدوارهما ومراحل وجودهما لأن دقة البحث في تكوين النظريات العامة في الأصول تنعكس تماما في الفقه على صعيد التطبيقات، ولا نقصد بذلك إن عملية تطبيق النظريات العامة على المسائل والعناصر الخاصة في الفقه لا تحتاج إلى أي تفكير وبذل أي جهد ودقة، بداهة إن المجتهد كما أنه بحاجة في دراسة النظريات العامة في الأصول وتكوين القواعد المشتركة وفق شروطها العامة إلى التفكير دقة وعمقاً وبذل الجهد العلمي المتعب خلال سنين متمادية كذلك أنه بحاجة في تطبيق تلك النظريات العامة والقواعد المشتركة على عناصرها الخاصة إلى دراسة جوانب التطبيق وممارستها بدقة وما يرتبط بها من القرائن الخارجية في كل مسألة بلحاظ طبيعة تلك المسألة وأرضية موردها بل نقصد بذلك إن الذهنية الأصولية النظرية ترتبط بالذهنية الفقهية التطبيقية على طول التاريخ وفي تمام المراتب، فإذا بلغت الذهنية الأصولية درجة أكبر عمقا وأكثر دقة انعكست تماما على الذهنية الفقهية وتطلبت في مجال التطبيق دقة أكثر وعمقاً أكبر، هذا ثم إن الهدف من وراء الأمر الأول التنبيه والتذكير على النقاط التالية :
الأولى :
إن الحركة الفكرية الاجتهادية وتطورها وتعمقها في كل عصر بدرجة أكبر سعة وأكثر دقة المستمدة من الكتاب العزيز والسنة النبوية تؤكد بشكل قاطع أصالة المسلمين واستقلالهم في تشريعاتهم المادية والمعنوية والاجتماعية والفردية والثقافية والأخلاقية .
الثانية :
إن الشريعة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة لحل مشاكل الإنسان الكبرى المعقدة في مختلف جوانب الحياة.
الثالثة :
إن سد باب هذه الحركة الفكرية الاجتهادية العظيمة أو التنقيص من شانها إطفاء لبدية مشعل الكتاب والسنة أو التنقيص من شأنهما.
والهدف من وراء الأمر الثاني التنبيه على أن ما هو متداول في بعض الألسنة إن العالم الفلاني أصولي ليس بفقيه أو بالعكس فهو كلام عامي بعيد عن الواقع وصادر عمن لا يلتفت إلى طبيعة القواعد الأصولية وحدودها وأهمية دورها في عملية الاستنباط والاجتهاد الفقهي ومدى تأثير هذا الارتباط والتفاعل بينهما في العملية، لما عرفت الآن من أن الترابط والتفاعل بين العلمين ذاتي فلا يمكن التفكيك بينهما في جميع المستويات فالفقيه في نفس الوقت أصولي قدير و الأصولي في نفس الوقت فقيه بارع.
بعد هذه المقدمة
نقول :
إن مدرسة النجف الأشرف مدينة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من أعظم وأشهر الجامعات العلمية والإسلامية للحركة الفكرية الاجتهادية في الفقه والأصول المستمدين من الكتاب والسنة ومن أهم المعاهد العلمية الدينية للطائفة الإمامية، ومن هذه المدرسة الكبرى الشريفة تخرج آلاف الفقهاء العظام والمجتهدين الكبار وأعلام الطائفة والأساتذة من زمن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (قده) إلى زماننا هذا و هؤلاء الفقهاء العظام طوال عشرة قرون قد قدموا جهوداً كبيرة في خدمة الدين والمذهب بأقلامهم المباركة ودروسهم النفيسه ومؤلفاتهم القيمة ونشرهم الثقافة الدينية في العالم الإسلامي بل في العالم ككل رغم الظروف القاسية والمصاعب التي مرت بهم خلال تلك القرون ولا يزالون يقدمون خدمة كبيرة للدين الإسلامي والمذهب بشجاعة فائقة في ظل أصعب الظروف وأقساها و مهما كان حجمها حيث إن حجم الهدف أكبر من كل شيء فمن هنا أصبحت الطائفة في العصر الحاضر ذا شأن عظيم منتشرة في أقطار العالم ولهم في كل بلد صوت بينما كانوا قبل تلك القرون يعيشون غالبا في تقية وهذا ليس إلا من الجهد المتواصل في خدمة المذهب لعلمائنا العظام طوال هذه القرون ومن أبرز العلماء والمجتهدين العظام في القرن الأخير وأشهرهم وأعلمهم هو سيد الطائفة سيدنا وأستاذنا الأعظم آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قده) الذي واكب مسيرة العلم وحركة التطور والنمو الفكري في هذه المدرسة الكبرى وكان (قده) قد رفع رايتها خفاقة عالية ورصدها بتاليفاته القيمة وتحقيقاته وتدريسه في حقول المعرفة كالأصول والفقه والتفسير والرجال حيث أنه تعمق فيها دقة وسعة ولا سيما في علمي الأصول والفقه وأحكم قواعدهما النظرية والتطبيقية وبناهما على أسس متينة ومجددة ومبان رصينة واكتشف أفاقا جديدة في هذين العلمين الشريفين فأبدع في ذلك، فأحرز مقام القيادة الكبرى ونال شرف أستاذ العلماء والمجتهدين في الحوزات العلمية والمعاهد الدينية الكبرى، وقد قام الإمام الخوئي (قده) بإلقاء الدروس العليا (الخارج) في الفقه والأصول على جمع غفير من الفضلاء ذوي الكفاءة واللياقة لا يقل عددهم عن أربعمائة أو خمسمائة نفر وقد تميزت دروسه في الحوزة العلمية بالابتكار والتحقيق والتدقيق سعة وعمقا واتسمت أبحاثه بالقوة في الاستدلال والاحاطة العلمية بأفكار العلماء وتحليلها ونقدها بأسلوب بليغ رائع وبيان ساحر وفصيح ولذلك قد فاق أقرانه ومعاصريه من كبار الأساتذة والعلماء في الحوزة العلمية الكبرى وتفوق عليهم في استقطاب أكبر عدد من الطلبة والفضلاء ذوي اللياقة والكفاءة وكان مجلس درسه (قده) من أوسع الدروس إقبالا وحضوراً وأكثرها انتشارا وكان بحق القطب الذي تدور حوله الحركة العلمية كان كالشمس ترسل أشعتها على الدوام أكثر من نصف قرن وقد أستحق بذلك عن استحقاق لقب زعيم الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف .
وقد شرع الإمام الخوئي (قده) في درس الأصول (الخارج) ولا يتجاوز عمره الشريف عن خمسة وعشرين سنة واستمر في دراسته سبعة دورات كاملة في الأصول وشرع في الدورة الثامنة ولم يتم وفي كل دورة تخرج من مدرسته مئات من العلماء والأساتذة وأعلام الطائفة وقد درس (قده) خارج الفقه على ضوء الكتاب والسنة دورة كاملة إلا بعض أبوابه القليلة، واضافة إلى ذلك فقد درس (قده) خارج باب الصلاة مرة أخرى مستقلة وكذلك باب الطهارة ودرس (قده) خارج مكاسب الشيخ الأنصاري (قده) دورتين كاملتين ولم يسبقه في ذلك غيره من علماء الطائفة طوال عشرة قرون .
وسر هذا النجاح الكبير والتوفيق العظيم للسيد الأستاذ الإمام الخوئي (قده) يتمثل بالنقاط التالية :
النقطة الأولى :
مقدرته الفكرية الذاتية فإن لتلك المقدرة أثراً كبيراً في تحديد القواعد والنظريات العامة وتكوينها في الأصول وفق شروطها بصيغة أكثر دقة وعمقاً و شمولاً، وتطبيقها على عناصرها في الفقه بدقة أكثر التفاتاً وبعمق أكبر تحقيقاً وبسعة أشمل مجالاً .
النقطة الثانية :
مقدرته العلمية الفائقة في تحليل المسائل المعقدة والنظريات الصعبة الأصولية والفقهية بصيغة أسهل تناولاً وأبلغ تنظيماً وترتيباً، وبفضل هذه المقدرة العلمية الفائقة ومؤهلاته الفكرية الواسعة الذاتية وذهنيته الوقادة في علمي الأصول والفقه أبتكر فيهما آراء ونظريات لم يسبقه إليها غيره أصلا وقد تقدمت الإشارة إليها.
ومن هنا قال تلميذه العبقري الكبير الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قده) إن مقام ثبوت السيد الأستاذ الإمام الخوئي (قده) علميا ونظرياً أقوى وأكبر من مقام إثباته ويظهر ذلك بوضوح لكل طالب في مقام التباحث مع سماحته (قده) شريطة أن يكون أهلا لذلك وقال أيضاً تلميذه الكبير في مقالة كتبها حول عمق علاقته بأستاذه الإمام الخوئي (قده) إن علاقتي هي من أشرف وأطهر وأقدس العلاقات في حياتي وهي علاقتي بسيدنا وأستاذنا وسندنا وسنادنا آية الله العظمى الإمام الخوئي (دام ظله الوارف) هذا الأستاذ الذي أبصرت نور العلم في حوزته وذقت طعم المعرفة على يده وإن من أعظم ما ينعم الله به على الإنسان بعد الإيمان العلم ولأن كنت قد حصلت على شيء من هذه النعمة فإن فضل ذلك يعود إليه فلست إلا ثمرة من ثمرات وجوده وفيضه الشريف وولد من أولاده الروحيين.
النقطة الثالثة :
إن دروسه (قده) كانت تمتاز في التحقيق والتدقيق وتحليل المسائل العلمية الدقيقة والنظريات العامة بشكل يليق بها وطرحها على أسس ومبان متينة ورصينة من جهة حسن التقرير وقوة الأداء واستحكام الأدلة بأسلوب رائع وبليغ وبيان سحري جذاب وفصيح ولون أدبي جميل وبتنسيق منظم وبارع، وسيطرته (قده) التامة على المطالب والنظريات العلمية بدرجة لا يفلت زمام أمرها عنه مهما كانت معقدة فإن له المقدرة على تحليلها وحل مشاكلها وبيانها بأبسط صيغة وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على سيطرته الكاملة على المسائل العلمية مهما كانت معقدة وصعبة، ومجموع ما في هذه النقاط من المؤهلات والخصوصيات الذاتية المميزة المتوفّرة في الإمام الخوئي (قده) سبب لنجاحه الكبير وتفوقه على سائر أقرانه ومعاصريه من العلماء والأساتذة الكبار فإن تلك المؤهلات والخصوصيات المميزة جعلت دروسه من أوسع الدروس إقبالاً وأكثرها رونقاً وحضوراً وتفهماً وتفهيماً إذ قلما يوجد شخص يحضر مجلس درسه لا بغرض الاستفادة ومن هنا نقول إن نسبة من يكتب دروسه لا تقل عن تسعين بالمائة بنسبة تقريبية.
ولهذا تخرج من مجلس درسه على يديه الكريمتين طوال تاريخ زعامته على الحوزة المباركة مئات الأساتذة والمدرسين في الحوزات العلمية المنتشرة في أقطار العالم الإسلامي وعشرات المجتهدين الكبار وتسنم نخبة منهم في العصر الحاضر سدة المرجعية في الحوزات العلمية الشهيرة في النجف الاشرف وقم المقدسة ومشهد الرضا المقدس .
كمالاته النفسية
وملاكاته الفاضلة
الإمام الخوئي وكمالاته النفسية
كان السيد الأستاذ (قده) إلى جانب مواهبه العلمية ومؤهلاته الفكرية الذاتية يتحلى بملكات فاضلة وصفات حميدة وكمالات سامية متميزة وطاقات نفسية كبيرة ولذلك كان (قده) مسيطراً على نفسه وميوله الطبعية المضلله بقوة ملكاته الفاضلة وطاقاته النفسية الكبيرة فإنها إذا تحققت ترشد الإنسان إلى الاتجاهات الدينية الصحيحة وتسهل الطريق إلى الله تعالى والإيمان به وتزيل العوائق والموانع وتجعل مخالفة الهوى والميول الطبعية والدوافع الذاتية الشهوانية سهلا بل تجعلها موافقة لميوله وغريزته الدينية التي تصبح طبيعة ثانية له ولهذا كان (قده) صادقا في قوله ووافيا بوعده وطالبا لمرضاة الله تعالى في أعماله والإخلاص فيها ومخالفاً لهواه ومتواضعا في خلقه وعشرته ولم يدخل في نفسه الكريمة شيء من الكبرياء والعجرفة ولم تؤثر فيه الرئاسة والزعامة وإذا حضر بين تلامذته كان كأحدهم طالبا للحق واستسلاما للحقيقة من أي فرد وكان مؤدباً في سلوكه ويحترم أهل العلم والفضل وينزلهم منازلهم ولا ينتقص أحداً أبداً فما سمعته (قده) طيلة وجودي معه والتي لم تقل عن خمس وثلاثين سنة تقريبا يتكلم على أحد بما لا يناسبه مهما كان موقفه تجاهه سلبيا وعدائيا وكل احد إذا ذكره، ذكره بخير وما رأيت هذه النفسية الكبيرة الصابرة في غيره وهذا ليس إلا من جهة أنه جهز نفسه بغريزة الدين والإيمان وزودها بتقوى الله والإخلاص في العمل والصفات الحميدة والملكات الفاضلة السامية والطاقات النفسية الصابرة وباعتقادي الراسخ إن صفاء نفسه (قده) وطيب باطنه وخلوص نيته في أعماله المادية والمعنوية وإيمانه الراسخ بالله تعالى من جانب والصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة والملكات السامية والطاقات النفسية الكبيرة من جانب آخر كان أحدى الوسائل والأسباب التي قد من الله تعالى بها عليه بهذا التوفيق الكبير الناجح .
معاناته
من قبل النظام البائد
الإمام الخوئي ومعاناته
وبعد وفاة المرجع الأعلى الإمام الحكيم (قده) تسنم السيد الخوئي (قده) منصب المرجعية العليا في النجف الاشرف وبدأت معاناته بسبب رموز النظام البائد لأن النظام قد قام بانتهاك الحوزة العلمية بذرايع مختلفة وتهم متنوعة منذ ولادته يوميا وقد وصلت أدواته القمعية وانتهاكاته للحوزة العلمية ذروتها في حين جعل النظام الإمام الحكيم (قده) تحت رقابة مشددة في بيته ومنع الناس عن الوصول إليه، نعم قد زاره الإمام الخوئي (قده) في الأسبوع مرة واحدة، وبعد وفاته زاد النظام في أدواته القمعية وانتهاكاته للحوزة العلمية ومضايقته للسيد الخوئي (قده) وقد وصلت هذه الضغوط والانتهاكات والمضايقات للحوزة بالقتل والتشريد ذروتها أيام الحرب ولهذا لم يبق منها إلا أصولها ورموزها المعنوية وكان هدفهم المشؤم من كل ذلك هدم الحوزة نهائيا ولكنهم لم يصلوا إلى هذا الهدف المشؤم لسببين :
السبب الأول : بعنايته تعالى وتقدس وفضله الكريم وببركة صاحب هذا المكان المقدس وبرعاية إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف .
السبب الثاني : بالصبر والتحمل من السيد الأستاذ (قده) فانه تحمل ما تحمل من المضايقات من قبل النظام بطرق مختلفة وأسباب قمعية متنوعة تارة بإعدام ثلة من حواشيه وأخرى بالضغط على فضلاء الحوزة بالقتل والحبس والتشريد والتسفير وهكذا، ومع كل هذه الأسباب القمعية والمضايقات فانه (قده) تحمل وصبر كالجبل الراسخ في سبيل الحفاظ على كيان هذه الحوزة المباركة والهدف من وراء كل هذه المضايقات والضغوط أما أن تصدر منه (قده) كلمة ضد النظام أو لتأييده ومشروعيته فان النظام على كلا التقديرين يصل إلى هدفه المشؤم، أما على الأول فانه ذريعة لهدم الحوزة نهائياً، وإما على الثاني فانه تهديم لمعنوية الحوزة وروحها المتمثلة بالسيد الخوئي (قده) هذا هو ديدن علمائنا العظام فإنهم كانوا يبذلون أنفسهم في سبيل الحفاظ على كيان الحوزة ومكانتها الدينية وهيبتها واستقلاليتها في كافة شؤونها الاقتصادية والتعليمية والدينية في الأوقات التي تعرضت الحوزة من قبل الحكومات والأنظمة الجائرة للانتهاكات والمضايقات لأن الحفاظ على كيانها حفاظٌ على كيان المذهب .
وبعد سقوط النظام أخذت الحوزة عافيتها ونشاطها يوما بعد يوم إلى أن واجهت ظروفا غير متوقعة أملنا بالله تعالى كبير أن تمر هذه الظروف بسلام وتستعيد الحوزة نشاطها تدريجيا ومن هنا إن الوظيفة الشرعية تملي على العلماء ورجال الحوزة وأساتذتها وطلابها الاهتمام الجاد بالدراسة والتحقيق وبذل أقصى الجهد فيها لكي يحافظ على مكانة الحوزة العلمية المباركة وعطاءها المستمر بشكل أفضل يوما بعد يوم حتى تستعيد عافيتها بالكامل و بشكل أكثر ازدهارا وتوسعة تليق بها وبمكانتها العلمية وثوابتها الدينية والإسلامية .
بعض النظريات الابتكارية
للسيد الخوئي (قدس سره)
في الفقه والأصول
المقدمة
مدرسة النجف الأشرف في طليعة المدارس التي ازدهرت فيها الحركة العلمية واشتهرت بعلمائها ونشاطاتهم الفكرية، وهي مدينة التاريخ والعبقرية، إذ تخرج منها من لدن زمان شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (قده) إلى عصرنا الحاضر آلاف العلماء الأفذاذ وزعماء الفقه الإسلامي وأئمة الأصول والحديث والتفسير، وفي مقدمتهم المرجع الديني الأعلى للعالم الإسلامي وزعيم الطائفة سيدنا الأستاذ الأعظم سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف).
فإنه (رضوان الله تعالى عليه) كان بحق رجل العلم والتاريخ والفكر، ومثالاً للعدالة والاستقامة بلا منازع. وكان يتمتع بقدسية كبيرة ونفسية سامية مزودة بملكات فاضلة وصفات حميدة وطاقات ذاتية قل نظيرها، وكان مخلصا في عمله محبّراً. مثابراً لا تحركه العواصف ولا العواطف يميناً وشمالاً، ولا تزعزعه المشاكل والصعاب مهما كان لونها، ومن صفاء روحه وورعه وتقواه، عدم إشغال باله إلا بمحاسبة نفسه أمام الله تعالى
، وعدم اهتمامه بما قيل أو يقال في حقه، فقد رافقته قرابة خمسة وثلاثين عاماً فما رأيته ولا سمعته قط تجّرأ على أحد، أو أنتقص من أحد، وليس هذا إلاّ دليلاً على سمّو النفس ورفعتها وتقواها.
وأما في ما يتعلق بأفكاره وآرائه، فإنه (قده) قد جمع عمق الفكرة إلى سلامة الذوق ودقة النظر والرأي إلى جمال البيان والتعبير، وكانت لديه موهبة رائعة و مقدرة علمية عالية، ففي عهده (قده) قد تجلت الحركة العلمية النابضة بالأفكار و الآراء وهو قطب رحاها، فكان بعيد الغور، عميق الأثر، يعرف كيف يتصرف في المسائل العويصة والقواعد المعقدة نظرياً وتطبيقياً من مختلف الجهات، وكانت مهارته العلمية ونبوغه الفكري تظهر من خلال عرض المسائل الصعبة الغامضة عليه وكيفية تلقيه لها، وسرعة انتقاله إلى نكاتها ورموزها ودقائقها، واستيعابه لمختلف نواحيها ومن ثم الإتيان بحل دقيق وجواب متقن رصين وذلك بأسلوب جذاب بليغ وعرض شائق رفيع وذوق أدبي سليم حيث كان مسيطراً على المسائل مهما كان نوعها ودرجتها من التعقيد، فكان العلم ينحدر من منبره ويفور من معدنه فوران الماء من منبعه والطيب من مسكه.
وكان له (قده) اليد الطولى في الجدل والنقاش، وقد أبدى فيه مقدرة عالية ومهارة فنية فائقة بجودة إدراكه ودقة استيعابه المسائل من كافة جوانبها المثبتة والنافية، وكيفية اقتحامها وردها على الخصم والخروج عنها، فلذا كلما ردت عليه المسالة ردها بأسلوب آخر، وهذا لا يكشف إلا عن ذهنيته الوقادة وقدرته العلمية وأنه مجهز بطاقات علمية غزيرة وذكاء حاد .
ومن هنا ينبغي أن يقال في حقه : إن مقام ثبوته أقوى وأرقى من مقام إثباته، رغم إن علو مقامه إثباتا قد أصبح جلياً وظاهراً كظهور الشمس في رائعة النهار.
وخير دليل ساطع على ما أقوله مواكبة العلماء والفضلاء على دروسه ومحاضراته في الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف، واشتياقهم لحضور أبحاثه وهضم أفكاره، فقد تخرج على يده (قده) جمهرة كبيرة من أعلام الفضل وفطاحل العلم وقادة الفكر ورموز الإبداع الذين بيدهم اليوم زمام الدراسات العليا في الفقه والأصول في الحوزات العلمية في أرجاء العالم الإسلامي، حيث تدور أبحاثهم حول أفكاره القيمة وآرائه الدقيقة ونظرياته العميقة أصوليا وفقهيا نظريا وتطبيقيا (كدوران الأرض حول نفسها) فحسبه فخراً هذا الثمر العظيم والنتاج الجبار .
مضافاً إلى أنه لا يمكن لمثله (قده) أن يقف عند هذا الحد، بل سار إلى الأمام بخطوات حثيثة ودخل ميدان الإبداع وفجر ينابيعه، فقد أبدع أفكاراً متألقة ونظريات حديثة في الأبحاث الأصولية والفقهية.
وعلى سبيل المثال أقدم بين أيديكم مجموعة من إبداعاته وبلورة أفكاره في هذين المجالين :
الأبحاث الأصولية
وموارد الإبداع فيها
(الأبحاث الأصولية وموارد الإبداع فيها)
المورد الأول : نظرية التعهد ومسألة الوضع
حيث أن مسألة الوضع من أهم المسائل الاجتماعية في كل مجتمع عقلائي منذ نشوء الإنسان على وجه الكرة الأرضية على أساس إن الإنسان من بداية نشوءه كان بحاجة إلى استخدام ظاهرة اللغة في حياته كوسيلة للتفاهم مع الآخرين وإبراز مقاصده ونقلها إليهم. وبما إن حياة الإنسان قد تطورت وتكاملت وتعمقت عصراًً بعد عصر وتوسعت قرناً بعد آخر من مختلف جهاتها، فبطيعة الحال تتطلب تطور ظاهرة اللغة وتكاملها وتوسعها بما يناسب ذلك لأنهما مترابطان بترابط متبادل.
ولما رأى (قده) إن الوضع على ضوء تفسير المشهور لا ينسجم مع مكانة هذه المسألة وأهميتها لدى العقلاء أبتكر نظرية جديدة متكاملة كما وكيفاً وهي نظرية التعهّد على أساس إن هذه النظرية بنفسها نظرية عقلائية تناسب مكانة هذه المسألة، وتتميز عن غيرها بما يلي :
الأول : إنها عبارة عن التلازم بين اللفظ الخاص والمعنى المخصوص المحقق للدلالة بقضية شرطية يتعهد بها العقلاء في كل مجتمع على طول التاريخ، وطرفاها : النطق باللفظ، وقصد إفهام بالمعنى. وعلى أساسه ينفى وجود أي داع آخر للنطق باللفظ سوى قصد الإفهام .
الثاني : إن الدلالة الناتجة من الوضع على أساس هذه النظرية دلالة تصديقية عقلائية لا تصورية محضة، لأن اللفظ بعد التعهد المذكور يكشف كشفاً تصديقياً عن قصد المتكلم إفهام المعنى، وأما الدلالة التصورية بين اللفظ والمعنى فهي لا تستند إلى الوضع بالمعنى المذكور، بل هي نتيجة الأنس الذهني بينهما.
الثالث : إن كل مستعمل يصبح واضعاً حقيقة على ضوء هذه النظرية، لأن الوضع عبارة عن التعهد والفرض إن كل مستعمل تعهد بأن لا ينطق باللفظ إلا عند إرادة إفهام معنى خاص .
المورد الثاني : نظرية الإبراز :
ومسألة الإنشاء
حيث إن تفسير المشهور الإنشاء بإيجاد المعنى باللفظ يكون ناقصاً بنظره (قده) وغير تام فابتكر نظرية جديدة تناسب مكانة المسألة وأهميتها لدى العقلاء و آثارها الاجتماعية، وهي نظرية الإبراز، أي : إن الإنشاء عبارة عن إبراز الأمر الاعتباري النفساني بمبرز ما في الخارج من قولٍ أو فعل، وتتميز هذه النظرية عن نظرية الإيجاد بأن الأولى مدلول تصديقي للفظ، والثانية مدلول تصوري وتترتب على هذه النظرية آثار مهمة :
الأول : إن مدلول الأوامر والنواهي على أساس هذه النظرية عبارة عن إبراز الأمر الاعتباري النفساني، دون الوجوب والحرمة، فإن الحاكم بهما في مواردهما العقل بملاك صدورهما من المولى بعنوان المولوية إذا لم تكن قرينة على الترخيص.
الثاني : أمكان الالتزام بالشرط المتأخر على أساس إن الحكم الشرعي على ضوء هذه النظرية أمر اعتباري لا واقع موضوعي له ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار وعليه فلا مانع من اعتباره مشروطاً بشرط متأخر كما يعتبر مشروطاً بشرط مقارن.
الثالث : عدم المضادة بين الأحكام الشرعية بأنفسها وذواتها، لأنها أمور اعتبارية لا واقع موضوعي لها حتى تتصور المضادة بينها، نعم إن المضادة إنما هي بين مباديها في مرحلة الملاك وبين الأحكام في مرحلة الامتثال، وأما في مرحلة الجعل فلا مضادة بينها.
الرابع : إن مقتضى هذه النظرية عدم اعتبار كون المبرز لفظاً أو صيغة خاصة، فإن كل ذلك بحاجة إلى عناية زائدة، و إلا فمقتضى القاعدة كفاية كون المبرز أشارة أو فعلاً، بينما يكون مقتضى نظرية المشهور اعتبار اللفظ، وأما كفاية غير اللفظ فهي بحاجة إلى دليل، فإن قام دليل على الكفاية كالسيرة أو نحوها فهو، و إلا فلا يكفي.
المورد الثالث : نظرية التحصيص
في وضع الحروف
فإنه (قده) بعد انتقاده سائر النظريات في تلك المسألة واحدة تلو الأخرى انتقاداً موضوعياً، قام بإبداع نظرية التحصيص فيها وهي : إن الحروف موضوعة للدلالة على إرادة تفهيم تحصيص المفاهيم الاسمية وتصنيفها كقولنا زيد في الدار فإن كلمة في موضوعة للدلالة على تحصيص مفهوم زيد بحالة خاصة وهي حالة كونه في الدار، وتتميز هذه النظرية عن تلك النظريات في أن مدلول الحروف على ضوئها يكون تصديقياً لا تصورياً فحسب وأما على ضوء سائر النظريات فهو تصوري لا تصديقي، فمن أجل ذلك تكون هذه النظرية من حلقات نظرية كون حقيقة الوضع التعهد، وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً .
المورد الرابع : نظرية عدم جريان الاستصحاب
في الشبهات الحكمية
قد بنى (قده) على عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية مطلقاً حتى إذا كانت الشبهة جزئية على خلاف نظرية المشهور القائلة بجريانه فيها مطلقاً، وقد قام (قده) بابتكار هذه النظرية بلحاظ التفاتته الكريمة إلى نكتة دقيقه تكون مبررة لها وهي : إن استصحاب بقاء المجعول فيها معارض باستصحاب عدم سعة الجعل فيسقط من جهة المعارضة كاستصحاب بقاء نجاسة الماء المتغير باحدا أوصاف النجس بعد زوال تغيره بنفسه فإنه معارض باستصحاب عدم سعة جعلها إذ كما نشك في بقاء المجعول كذلك نشك في سعة الجعل وضيفه. ومن هنا قد غيرت هذه النظرية مجرى تاريخ الاستصحاب في الشبهات الحكمية، فمن أجل ذلك تكون لها آثار كبيرة في كافة أبواب الفقه .
المورد الخامس : نظرية التعارض
في الواجبات الضمنية
إن المشهور بين الأصوليين هو تطبيق قواعد باب المزاحمة على الواجبات الضمنية فيما إذا لم يتمكن المكلف من الجمع بين أثنين منهما كما إذا لم يتمكن المصلي من الجمع بين الصلاة قائما وبين ركوع القائم فيدور أمره حينئذٍ بين أن يصلي قائما مع الإيماء بديلا عن الركوع أو يصلي جالساً مع الركوع عن الجلوس وفي مثل ذلك قد قام المشهور بتطبيق مرجحات باب المزاحمة عليهما ولكن السيد الأستاذ (قده) قد ناقش في هذه، النظرية وأبتكر نظرية أخرى وهي نظرية التعارض فيما إذا لم يتمكن المكلف من الجمع بين الواجبين الضمنيين، بنكتة إن الأمر الأول قد سقط جزماً بسقوط متعلقه، وعليه فإن قام دليل على جعل أمر آخر ـ كما في باب الصلاة ـ فإن عين متعلقه فهو، و إلا فهو مردد بين الفاقد لهذا الجزء أو ذاك، فإذن بطبيعة الحال تقع المعارضة بين إطلاق دليلي الجزئين .
المورد السادس : زيادة في أقسام
الاستصحاب الكلي
المشهور بين الأصوليين إن استصحاب الكلي على ثلاثة أقسام ولكنه (قده) قد زاد عليها قسما آخر ويكون الزائد قسماً رابعاً من أقسام استصحاب الكلي وهذا من ابتكاراته (قده)، وله آثار علمية وعملية في أبواب الفقه .
المورد السابع : مسألة الشهرة
الفتوائية
المعروف بين الأصوليين إن الشهرة الفتوائية إذا كانت في مسألة على خلاف رواية معتبرة في تلك المسألة وكانت الرواية في متناول أيديهم تكشف الشهرة عن عدم حجيتها وخروجها عن دليل الاعتبار، وإذا كانت الشهرة في المسألة موافقة للرواية الضعيفة وكانت مستندة إلى تلك الرواية فيها تكشف عن حجية هذه الرواية وصدورها من المعصوم (ع) وقد جرى عملهم على أساس هذه النظرية في مقام عملية الاستنباط والتطبيق في المسائل الفقهية على طول التاريخ .
ولكن السيد الأستاذ (قده) على أساس التفاتته القوية ومقدرته الذاتية والعلمية و نبوغه الفكري قد أبتكر نظرية جديدة في المسألة أكثر استيعاباً وأدق عمقاً على ضوء نقطتين : الأولى منع الكبرى، والثانية منع الصغرى.
أما الأولى : فلأن الشهرة الفتوائية في المسألة التي تصلح أن تكون جابرة لضعف الرواية تارة، وكاسرة لقوة الرواية تارة أخرى هي الشهرة الفتوائية من الفقهاء المتقدمين الذين يكون عصرهم قريباً من عصر أصحاب الأئمة (ع) وحملة الأحاديث لا من الفقهاء المتأخرين حيث لا قيمة للشهرة الفتوائية بينهم. ولكن لا طريق لنا إلى إحراز أعراض المتقدمين عن رواية في المسألة على الرغم من صحة الرواية، واستنادهم إلى رواية فيها على الرغم من ضعفها لأن الطريق إلى ذلك منحصر بالرجوع إلى كتبهم بأن يكون لكل واحد منهم كتاب استدلالي في الفقه وان يكون ذلك الكتاب واصلا إلينا يداً بيد وقد تعرّض للمسألة فيه حتى يظهر أنه أعرض فيها عن رواية صحيحة مع وجودها فيها أو أنه أعتمد في الفتوى في المسألة برواية ضعيفة، والمفروض عدم وجود كتاب منهم كذلك، أو أنه كان ولكنه لم يصل إلينا، فإذن لا أصل لهذه النظرية.
وأما الثانية : فلأن الشهرة الفتوائية لا تكون حجة بنفسها، وعليه فأقصى ما تكون الشهرة مؤثرة في الرواية أنها تكشف ظناً عن صدورها إذا كانت مستندة إليها وعن عدم صدورها إذا كانت مخالفة لها. ولكن من الواضح عدم إناطة حجية الإخبار بالظن بالصدور بل هي منوطة بالوثوق النوعي، ولا ينافيه الظن الشخصي بعدم الصدور فمن أجل ذلك تختلف هذه النظرية عن نظرية المشهور اختلافاً جوهرياً، وتترتب عليها آثار مهمة في مرحلة عملية التطبيق والاستنباط في أبواب الفقه.
المورد الثامن : مسألة
أطلاق الدليل
قد تبنى السيد الأستاذ (قده) نظرية تؤكد على ان الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة غير داخل في مدلول اللفظ فإن الحاكم به إنما هو العقل ببركة مقدمات الحكمة بل هو في نهاية المطاف مدلول لتلك المقدمات هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إن الإطلاق ليس لفظاً وكلاماً حتى يكون كتاباً أو سنة، بل هو دلالة ناشئة اما عن السكوت في مقام البيان، أو عن مقدمات الحكمة، وتترتب على هذه النظرية أمور :
الأول : إن الرواية المخالفة لإطلاق الكتاب لا تكون مشمولة للرواية الدالة على أن المخالف للكتاب زخرف أو باطل باعتبار إن عنوان المخالف له لا ينطبق عليها، بنكتة ما عرفت من ان الإطلاق ليس مدلولاً للفظ لكي يكون المخالف له مخالفاً للكتاب، بل مخالف لحكم العقل.
الثاني : إن الروايتين المتعارضتين إذا كانت أحداهما موافقة لإطلاق الكتاب والأخرى مخالفة له فلا تكونا مشمولتين للروايات الدالة على ترجيح الرواية الموافقة للكتاب على الرواية المخالفة له على أساس ما عرفت من ان اطلاق الكتاب ليس من الكتاب فلا تكون الرواية الموافقة له موافقة للكتاب لكي تكون مشمولة لها.
الثالث : إن التعارض بين الروايتين إذا كان بالإطلاق فلا مجال للرجوع إلى مرجحات باب المعارضة بل لا موضوع له، فإن ما دل من النصوص على الترجيح بها إنما هو في مورد كانت المعارضة بين مدلوليهما لفظاً، وأما إذا لم تكن معارضة بينهما كذلك وكانت بين إطلاقيهما فلا تصدق المعارضة بين الروايتين لكي تكون مشمولة لتلك النصوص، فمن أجل ذلك يسقط كلا الإطلاقين معاً من جهة المعارضة في المسألة فالمرجع هو العام الفوقي إن كان و إلا فالأصل العملي.
المورد التاسع : مسألة
الاستصحاب
قد بنى الأصوليون على أن حجية الاستصحاب إذا كانت على أساس الروايات فهو أصل عملي .
ولكن السيد الأستاذ (قده) قد أبتكر نظرية تؤكد على أن الاستصحاب أمارة على أساس أبراز نكتة وهي إن مفاد أدلة حجية الاستصحاب التعبد ببقاء اليقين السابق في ظرف الشك لا التعبد بالعمل بالشك في ظرفه، وفرق بين التعبيرين، حيث أن الأول تعبير عرفي عن موقع الاستصحاب كأمارة، والثاني تعبير عرفي عن موقعه كأصل عملي، وإن شئت قلت إن المجعول في باب الاستصحاب اليقين التعبدي وهو الطريقية والكاشفية التعبدية في ظرف الشك لا الجري العلمي، وأما كونه من أضعف الأمارات فإنه بملاك أن التعبير ببقاء اليقين السابق في ظرف الشك تعبد عملي لا حكائي.
المورد العاشر : مثبتات
الأمارات والأصول
المعروف لدى الأصوليين ان مثبتات الإمارات حجة دون الأصول بلا فرق في ذلك بين أنواع الإمارات.
ولكن السيد الأستاذ (قده) قد قام بتحليل هذه المسالة بتقريب ان حجية مثبتات الإمارات لا يمكن أن تكون جزافاً، فلا محالة تبتني على نكتة مبررة لها، وتلك النكتة هي : ان الامارات بما انها ناظرة إلى الواقع وحاكية عنه، فهي كما تحكي عن مدلولاتها المطابقية مباشرة تحكي عن مدلولاتها الالتزامية بالواسطة على أساس الملازمة بينهما ثبوتاً وإثباتاً. وأما الأصول العملية فبما أنها لا تنظر إلى الواقع فلا تثبت إلا مدلولاتها المطابقية في مقام الظاهر دون لوازمها، وعلى أساس هذه النكتة يظهر أن حجية مثبتات الأمارات ليست من لوازم أماريتها بل هي من لوازم حكائيتها عن الواقع، وعليه فلا بد من الفرق بين أنواع الإمارات أيضاً، فان ما يكون من الامارات لسانها لسان الحكاية عن الواقع والنظر إليه تكون مثبتاتها حجة، وما لا يكون من الامارات كذلك فلا تكون مثبتاتها حجة كالاستصحاب وقاعدتي الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة ونحوها، فإنها وإن كانت من الإمارات إلا أن لسانها ليس لسان الحكاية عن الواقع والإخبار عنه، فإذن حال هذه الإمارات حال الأصول العملية، فلا فرق بينهما من هذه الناحية، وعلى هذا فلا تتميز الأمارات عن الأصول العلمية بذلك.
المورد الحادي عشر :
أصولية المسألة
قد تبنى (قده) في هذه المسألة نظرية تؤكد أن أصولية المسألة مرهونة بوجود الخلاف وإبداء النظر والرأي فيها، فإذا كانت المسألة مسلمة وواضحة لدى الكل بدرجة لم يكن مجال لإبداء النظر والرأي فيها لم تكن أصولية، لأن علم الأصول قد وضع لممارسة النظريات العامة وتحديد القواعد المشتركة في الحدود المسموح بها شرعاً لأعمال النظر والرأي وفقاً لشروطها العامة للتفكير الفقهي، ومن هنا يكون علم الأصول نظرياً وعلم الفقه تطبيقيا وتكون نسبته إليه كنسبة المنطق العام إلى سائر العلوم، وعلى أساس ذلك فقد ذكر (قده) ان مسألة حجية الظواهر ليست من المسائل الأصولية وكذا مسألة أصالة الطهارة في الشبهات الحكمية، فإن كلتا المسألتين من المسائل المسلمة الواضحة عند الجميع بدرجة لا مجال لإبداء النظر وأعمال الرأي فيها، فمن أجل ذلك لا ينطبق عليها ضابط المسألة الأصولية.
المورد الثاني عشر : مسألة
مفهوم الوصف
قد بنى (قده) على ان القيد في القضية الوصفية يدل على المفهوم لكن لا بمعنى دلالته على انتفاء سنخ الحكم بانتفائه، بل بمعنى أنه يدل على أن موضوع الحكم في القضية ليس هو الطبيعي على نحو الإطلاق، بل حصة خاصة منه، على أساس ظهور القيد في الاحتراز وحمله على التوضيح بحاجة إلى قرينة، وظهوره في الاحتراز يقتضي أنه لو لم يدل على التحصيص لكان لغواً محضاً، فهذا يكون وسطاً بين القول بمفهوم القيد والقول بعدمه وتترتب على ذلك آثار في المسائل الفقهية .
الأبحاث الفقهية
وموارد الإبداع فيها
الأبحاث الفقهية :
وموارد الإبداع فيها
المورد الأول
ما إذا شك المكلف بعد الصلاة في أنه أغتسل من الجنابة قبلها أو لا. فالمشهور ان وظيفته إجراء قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الصلاة الماضية واستصحاب بقاء الجنابة بالنسبة إلى الصلاة الآتية. ولكنه (قده) تنبه هنا على نكتة أكثر استيعاباً وأدق عمقاً وهي ما إذا أحدث المكلف بعد الصلاة بالأصغر، فإنه حينئذ يعلم أجمالاً أما ببطلان الصلاة السابقة، أو وجوب الوضوء للصلاة الآتية، كما أنه يعلم أجمالاً اما ببطلان قاعدة الفراغ في الصلاة المتقدمة أو بطلان استصحاب بقاء الجنابة، إذ لا يمكن جريان كليهما معاً لاستلزامه المخالفة القطعية العملية، وعلى هذا فإن كان في الوقت، وجب عليه إعادة الصلاة المتقدمة والجمع بين الوضوء والغسل للصلاة الآتية، وإن كان في خارج الوقت، فوظيفته بالنسبة إلى الصلاة الآتية هي الجمع بين الوضوء والغسل، وأما بالنسبة إلى قضاء الصلاة المتقدمة فبما أنه شاك في أصل وجوبه، باعتبار أن القضاء يكون بأمر جديد فوظيفته الرجوع إلى أصالة البراءة عنه، لأن العلم الإجمالي بوجوب الوضوء للصلاة الآتية أو وجوب قضاء الصلاة المتقدمة لا يكون منجزا، لعدم توفر شروط التنجيز فيه وهي تعارض الأصول المؤمنة في أطرافه، وذلك لأن أحد طرفي هذا العلم الإجمالي وهو وجوب الوضوء يكون مورداً لقاعدة الاشتغال، فعندئذ لا مانع من جريان الأصل المؤمن في الطرف الآخر وهو أصالة البراءة لعدم المعارض له.
المورد الثاني :
بداية الشهر القمري
قد بنى (قده) على نظرية تؤكد على أن للشهر القمري بداية واحدة بالنسبة إلى الجميع، ولا يمكن أن يكون حلوله أمراً نسبياً بأن يكون لكل بلد أو منطقة شهرها القمري الخاص، إذ من الخطأ جداً قياس ذلك على نسبية طلوع الشمس، فإن الأرض بحكم كرويتها وحركتها حول نفسها، لا محالة تكون أجزاؤها مواجهة للشمس بالتدريج والنسبة، فتطلع على هذا الجزء من الأرض قبل ذاك الجزء فيكون الطلوع نسبياً، وأما الشهر القمري فهو يبدأ بخروج القمر من المحاق أي من بين الشمس والأرض، وهذه الظاهرة ظاهرة كونية محددة تعبر عن موقع جرم القمر من جرمي الشمس والأرض ولا تتأثر هذه الظاهرة بهذا الجزء من الأرض أو ذاك، فلا مجال لافتراض النسبية هنا، و لا معنى للقول بأن الشهر القمري يبدأ بالنسبة إلى هذا الجزء من الأرض في ليلة الخميس ـ مثلاً ـ وبالنسبة إلى ذلك الجزء في ليلة الجمعة، فالنتيجة أنه لا يمكن أن يكون حلول الشهر القمري أمراً نسبياً يختلف فيه أفق عن أفق ليكون كطلوع الشمس بل هو ظاهرة كونية محددة، فإن المحاق عبارة عن انطباق القمر بين جرمي الشمس والأرض المحقق لغيبوبته عن كل أهل الأرض، ولكن لا يخفى أن إثبات هذه النظرية بالطريقة المذكورة من أبداع السيد الأستاذ (قده) وأما أصل النظرية فلا، فإن جماعة من الفقهاء قد سبقوه في هذه النظرية، غاية الأمر أن التزام بعضهم بها مبني على الروايات وبعضهم الأخر مبني على كون الأرض مسطحة لا كروية.
المورد الثالث :
الضمان نسبي للنقص الوارد
في المال المتعلق للخمس
ومحله ما إذا أشترى مالاً للتجارة فارتفعت قيمته وجب تخميس الزيادة، وأما إذا أخر تخميسها ونقصت قيمته، فالمعروف والمشهور ضمان تمام خمس مقدار النقص.
ولكنه (قده) قد أبتكر نظرية أخرى تكون مبنية على نكتة دقيقة وهي : أنه يضمن خمس النقص بالنسبة، بملاك أن النقص يرد على المال المشترك بين المالك والإمام (ع)، وعلى هذا فطبيعة الحال يكون النقص نسبياً، فلو فرضنا أن تسعة أعشار هذا المال للمالك وعشر منه للإمام (ع)، كان النقص وارداً على المجموع بالنسبة لا على خصوص الزيادة، وعليه فكلما نقص منه يكون تسعة أعشاره على المالك وعشره على الإمام (ع). وبذلك تختلف نظريته (قده) عن نظرية المشهور اختلافا موضوعيا ً ولها آثار عملية في الفقه.
المورد الرابع
إذا ملك شخص مالاً بالهبة أو الحيازة أو الإحياء، فإن المشهور بين الفقهاء عدم الفرق بينه وبين ما إذا ملكه بالشراء، فإنه لا يجب عليه خمس زيادة القيمة في كلا الموردين إلا إذا باعه بهذه الزيادة، فإن الزيادة تدخل حينئذ في أرباح سنة البيع. ولكنه (قده) فرق بينهما على أساس نكتة دقيقة، وهي إن ما ملكه بالهبة أو الحيازة قد ملكه بماله من المالية من دون أن تكون محددة بحد خاص، وعليه فإذا ازدادت قيمته السوقية وباعه بهذه الزيادة، فلا يصدق على الزائد عنوان الزيادة على رأس ماله، لأن ماله متمثل في هذه الدار بما لها من المالية غير المحددة لكي يجب فيها الخمس، وهذا بخلاف ما إذا ملكه بالشراء، فإن رأس ماله معلوم ومحدد، فإذا باعه بازيد منه وجب الخمس في الزائد على رأس ماله.
المورد الخامس :
مسألة الإرث
المشهور أن أولاد أخ لأبوين أو لأب يقتسمون المال بينهم بالتفاضل إن اختلفوا بالذكورة والأنوثة، ولكنه (قده) قد أبتكر نظرية جديدة وهي : أن المال يقسم بينهم بالتساوي وان كانوا مختلفين في الذكورة والأنوثة، بنكتة أن التقسيم بالتفاضل إنما ورد في الأولاد والأخوة والأخوات من الأب أو الأبوين، و التعدي إلى أولاد الأخوة والأخوات بحاجة إلى قرينة ولا قرينة لا من الداخل ولا من الخارج، مع أن الحكم يكون على خلاف القاعدة.
فإذن مقتضى القاعدة هو تقسيم حصة الأب بين أولاده بالتساوي، والتفاضل بحاجة إلى دليل ومؤنة زائدة. ومن هذا القبيل العم والعمة والخال والخالة، فإن المشهور ان القسمة بينهم بالتفاضل إذا كانوا جميعا لأبوين أو لأب. ولكنه (قده) قد أفتى بالتساوي بعين النكتة المتقدمة.
والضابط العام لذلك : ان مقتضى القاعدة في كل مورد ورد الأمر بتقسيم المال بين آحاد جماعة من دون التقييد بخصوصية زائدة لا كماً ولا كيفاً هو التقسيم بينهم بالتساوي، وأما التقسيم بالتفاضل بأخذ الاعتبارات كالذكورة أو الأنوثة أو غيرهما، فهو بحاجة إلى قرينة ومؤنة زائدة.
وقد خرجنا عن مقتضى هذه القاعدة في باب الإرث بالنسبة إلى الطبقة الأولى الذين يرثون من الميت مباشرة كالأولاد و الآباء والأمهات، وبالنسبة إلى الأخوة والأخوات والأجداد والجدات من الطبقة الثانية إذا كانوا جميعا من الأبوين أو الأب، وذلك للنص من الكتاب والسنة، وأما إذا كانوا من الأم فقط، فالتقسيم بينهم بالتساوي، فإنه مضافاً إلى كونه مقتضى القاعدة أنه منصوص أيضاً. وأما أولاد الأخوة والأخوات لأبوين أو لأب من الطبقة الثانية، والأعمام والعمات والأخوال والخالات من الطبقة الثالثة فجميعاً يقسم المال بينهم بالتساوي و إن اختلفوا بالذكورة والأنوثة. ثم إن لهذه النظرية آثاراً هامة وكبيرة في طبقات الإرث.
8 / صفر / 1427 هــ